ب/نادية
يعاني المواطن الوهراني في الآونة الأخيرة من رحلة معاناة حقيقية بسبب تنقله اليومي بين مخابر التحاليل الطبية الموزعة عبر تراب ولاية وهران وكذا العيادات الخاصة لغرض إجراء الاختبارات الخاصة بالكشف عن فيروس كورونا والتي تختلف أسعارها من عيادة لأخرى ومن مخبر لآخر، وهو ما بات يشكل عائقا لدى الكثير من المرضى الذين أصبحوا يمتنعون عن إجراء هذه الاختبارات بسبب تكاليفها الباهظة.
و تعرف ولاية وهران تضاربا واضحا في أسعار مختلف الاختبارات الخاصة بالكشف عن فيروس كورونا، على مستوى مخابر التحاليل الطبية الموزعة عبر مختلف الأحياء والمناطق.
حيث يحدّد كل مخبر سعرا مختلفا عن المخبر الآخر ، فيما يبقى سبب ذلك مجهولا ، حيث تجري بعض مخابر التحاليل الطبية الاختبار المستضد لفيروس كورونا مقابل 3000 دج ، في الوقت الذي تجريه مخابر أخرى ب 3500 و 4000 دج و 4500 دج، وتصل الى مليون ونصف.
وهو الوضع الذي أثار استياء المواطنين خاصة الذين أصبحوا يلجأون للاختبار المستضد نظرا لتكاليفه المنخفضة مقارنة بالسكانير و”البيسيار”، والذين أصبحوا يطالبون بسعر موحّد أو بمجانيته لدى المؤسسات الصحية العمومية.
تهافت منقطع النظير لحالات مشكوك فيها
والجدير بالذكر أن المواطنين أصبحوا يفضلون هذا النوع من الاختبارات الكاشفة لفيروس كورونا بسبب سرعة نتائجه التي يحصلون عليها في 10 دقائق، إلا أن العديد منهم وبسبب تخوفهم من عدوى الفيروس، أصبحوا يجرونه كل أسبوع.
حيث تعرف مختلف المخابر الطبية تهافتا كبيرا عليها لإجراء هذا الاختبار ، حيث أنه كثيرا ما ينفذ مخزونها لتضطر إلى توقيف إجراء هذا الاختبار إلى غاية إعادة تموينها بالكواشف .
و لقد ساهم التضارب في أسعار أرخس اختبار للكشف عن فيروس كورونا ألا و هو الاختبار المستضد ( تاست جينيتيك ) في معاناة حقيقية لدى المواطنين الذين أصبحوا يتنقلون بين مختلف المخابر و العيادات بحثا عن أسعار منخفضة .
“البسيار” ب 15000 و لمن استطاع إليه سبيلا
هذا وراحت المخابر و العيادات الخاصة تغالي في رفع أسعار البسيار التي وصلت 15000 دج ، حيث أنه ليس بمقدور أي مواطن إجراءه ، خاصة بالنسبة للعائلات التي أصيب كل أفرادها ، فالعائلة المكونة من 5 أفراد مثلا تضطر دفع 75000 دج مقابل إجراء كشف البسيار و التأكد من إصابتها بكوفيد 19 من عدمها ، فيما تحدّد مخابر خاصة أخرى سعره ب 8500 دج على أن يعوض صندوق الضمان الاجتماعي المريض ب 3500 دج ، و هي التكاليف التي لا يستطيع العامل البسيط تسديدها ، و هو ما يجعل الكثير من المصابين لا يقدرون على إجراء هذا النوع من الاختبار الغالي الثمن ، خاصة و أن أزمة كورونا أحالت نسبة كبيرة من العمال و الموظفين و التجار على البطالة الإجبارية .
أجهزة “السكانير” بمستشفيات محرّمة على المرضى
و لقد اشتكى الكثير من المواطنين من توجيههم إلى إجراء الكشف بالسكانير لدى الخواص عند توجههم إلى المستشفيات عند ظهور أعراض كورونا عليهم لغرض الكشف ، حيث يطلب منهم الطبيب إجراء هذا الكشف على الرغم من توفره في مختلف المستشفيات ، ليضطر المريض دفع مبلغ 8000 دج عند العيادات و مراكز الأشعة الخاصة ، و تبقى حجة الأطباء في هذا الشأن هي ترك السكانير للحالات الحرجة من المصابين بكورونا ، و بهذا تبقى أجهزة السكانير في المستشفيات محرمة على المواطن البسيط الذي لا يقوى على دفع المبلغ المذكور آنفا ، و هو ما يجعل الكثير منهم يمتنعون عن إجرائه و بالتالي عدم متابعة حالتهم الصحية وتأزمها، و قد يكون هذا الوضع من بين أسباب ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس .
رفع أسعار تحاليل ( سيرولوجي) إلى 8500 بدل 2000 دج ببعض مخابر خواص
الكل أصبح يستثمر في الأزمة الصحية ، فبالإضافة إلى أزمة الأكسجين ، حتى المخابر و العيادات الخاصة صارت تعتمد الانتهازية و البزنسة في صحة المواطنين ، حيث لجأت بعض المخابر إلى رفع سعر تحاليل السيرولوجي إلى 8500 دج مستغلة الظرف الصعب الذي تعرفه الجزائر عامة و ولاية وهران ، و مستثمرة في الأزمة لتحقيق أكبر ربح ممكن ، دون مراعاة الوضعية الاجتماعية للكثير من العائلات التي لا تستطيع حتى توفير قوت عيالها ، في الوقت الذي تجريه مخابر أخرى ب 2000 دج فقط .
ثقافة التضامن خلال الأزمات تغيب عن المخابر والعيادات الخاصة
كل هذه الأوضاع تبين مدى غياب ثقافة التضامن في عزّ الأزمات لدى أصحاب المخابر و العيادات الخاصة الذين انتهزوا فرصة الأزمة الصحية للمغالاة في رفع الأسعار إلى أضعاف مضاعفة دون مراعاة الأوضاع المتردية للعديد من العائلات التي تعاني جراء البطالة ، فبدل التخفيض من تكاليف مختلف الاختبارات الكاشفة عن فيروس كورونا إلى 5 أو 10 بالمائة ، راح هؤلاء يرفعون أسعارها سعيا وراء تحقيق الربح السريع بضرب جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم الذين تضطر نسبة كبيرة منهم للاستدانة لغرض إجراء هذه التحاليل و الاختبارات التي أصبح الكثير من سكان ولاية وهران يرفضون إجراءها و يمتنعون عن ذلك ، لا لشيء سوى لتكاليفها الباهضة و عدم قدرتهم على توفير هذه التكاليف ، و هو ما يساهم في تأزم الوضع الصحي للمصاب بالفيروس .
مطالب بتوفير الاختبارات و التحاليل في العيادات الصحية العمومية
هذا و نتيجة تكاليف مختلف الاختبارات و التحاليل الكاشفة عن فيروس كورونا ، أصبح مطلب المواطن الوهراني هو توفيرها بالعيادات الصحية العمومية و المستشفيات بأسعار معقولة ، تكون في متناول المواطنين ، أو تحديد أسعار موحدة لها يتعامل بها الخواص ، بدل تلاعبهم في أسعارها التي أصبحوا يحددونها و يضاربون فيها كما يحلو لهم ، في ظل غياب الرقيب و الحسيب ، كما تعالت أصوات أخرى تطالب بتعيين لجان تفتيش و مراقبة تابعة لمديرية الصحة و السكان ، تقوم بخرجات فجائية للعيادات و المخابر الخاصة للوقوف على مهازل و فضائح الرفع و المغالاة في الأسعار التي باتوا يعتمدونها في خرجة كارثية بعيدة كل البعد عن روح التضامن التي عهدناها و لاحظناها عند المواطنين الذين رصوا صفوفهم و شمروا عن سواعدهم و ساهموا في حلّ و لو بنسبة صغيرة مشكل أزمة الأكسجين و غيابه عن المستشفيات ، و ذلك من خلال هبات تضامنية لا مثيل لها صنعت الحدث مؤخرا .