مع حلول العطلة الصيفية المدرسية، شهدت العديد من الأسواق المحلية انتشارا كبيرا لعمالة الأطفال، وهذا بعد انتهاء الموسم الدراسي، حيث أخذت الظاهرة أبعادا خطيرة عبر ولاية وهران، وذلك خاصة على مستوى القرى النائية والمناطق المعزولة.
وفي هذا الإطار، أحصت مديرية النشاط الاجتماعي لوهران خلال السنة الجارية، 3 آلاف حالة من عمالة الأطفال.
وحسبما أوضحته مصادر بالقطاع، فإن عملية الإحصاء هذه مسّت فقط المناطق الحضرية، على مستوى الأسواق ونقاط العمل الواقعة وسط المدينة، ومن بين هؤلاء 56 بالمائة إناث، كما أن 28 بالمائة من مجموع الأطفال سنّهم أقل من 13 سنة.
وأرجعت ذات المصادر سبب ذلك، تخلّي بعض التلاميذ عن الدراسة، نتيجة إهمال الأولياء وآخرين يفرضون عليهم العمل بدل متابعة الدراسة، بغية إعالة عائلاتهم، خاصة بالنسبة للذين يعانون الفقر ووضعية اجتماعية دون المستوى.
أين نجد هذه البراءة ينشطون كباعة للأكياس البلاستكية والخضر ومنتجات أخرى وجمع النفايات الحديدية، وقابضين بالحافلات ومركبات النقل الجماعي، وكذا على مستوى محلات النجارة والميكانيك، ناهيك عن تشغيلهم بورشات البناء والمصانع التي تنشط في الخفاء دون السنّ القانوني.
وفي هذا الصدد، كانت لنا عيّنات من عمالة الأطفال القصر من بينهم طفل لا يتجاوز سنة 14 سنة والذي يعمل بائعا للأكياس البلاستيكية بسوق الأوارس “لاباستي”.
حيث صرّح لنا عن سبب امتهانه لهذا العمل وهو في هذا السن “انعدام قدرتي على استيعاب الدروس بالمؤسسة التربوية وأنا في قسم السنة الأولى هو السبب في فشلي، حيث لم يعد والدي تحمّل المصاريف دون تحقيق فائدة نجاحي، ممّا دفعه إلى توقيفي عن متابعة الدراسة، كما أن مركز التكوين المهني رفض استقبالي كوني لم أبلغ السن القانوني للالتحاق بتخصص صيانة كهرباء السيارات التي أطمح لتعلمها، فلم أجد الحل سوى بيع الأكياس البلاستكية وتقديم مداخيلها لأبي”.
كما لجأت طفلة لا يتجاوز سنها 12 سنة إلى بيع الخبر التقليدي بالطريق سيدي الشحمي، معرّضة نفسها لمخاطر حوادث المرور والاعتداءات، من وراء هذه العمل فقد أوضحت” إن والدي هجرنا ونحن 4 أطفال وأمي حاليا تعمل على إعداد الخبز وأن أتولى مهمة البيع لأصحاب السيارات وذلك كي أساهم في مساعدة أمي، على قضاء حاجياتنا فأنا أزال هذه المهنة خلال الفترة المسائية وأخي في الفترة الصباحية”.
وفي هذا السياق، أوضح مصدر مسؤول، أنه لا يوجد أرقام رسمية بخصوص عمالة الأطفال في الجزائر، وذلك في ظل تشغيل الأطفال في السوق السوداء، كما أن أغلب العائلات متورّطة في هذه الجريمة بحجة المساعدة المنزلية، حيث يدفعون أبناءهم إلى مغادرة المدرسة مبكرا من أجل الظفر ببضعة دنانير للمساهمة في ميزانية الأسرة، ممّا ينجم عنها مشاكل أخرى كالتسرّب المدرسي والإنحراف.
نشير إلى أن آخر تقرير لمنظمة العمل الدولية، كشف أن طفلا من بين أربعة يعملون في إفريقيا، وأن 215 مليون طفل في العالم يمارسون أعمال شاقة، تترتّب عنها مخاطر على نموه العقلي والجسدي.
بقدار فرح